ربيع مؤقت قصة قصيرة آمنة عمر امغيميم
تحلّ ساعة الرحيل ..
تلك الساعة التي لا تأتي إلا مرة واحدة في كل موسم.
يرتدي معطفاً تتساقط الحياة من كل ثقوبه و فجواته.. و ينتعل حذاءه ذو الرقبة الجلدية الذي يغطي ساقه الرقيقة، تتناثر عليها شعيرات خشنة في عبث و تمرد.
حذاء اكتحل غصباً بسواد الطرقات و المشاوير الطويلة المضنية. صامد كما يصمد البطن ضد الجوع و العطش.. و كما يصمد القلب في وجه الخسارات..
ماذا سيحمل معه في هذا الرحيل الموسمي..؟؟
لا شيء غير بعض الآمال و الوعود و الحمل الثقيل من الحب و الاشتياق..
و ماذا يملك الدراويش غير الأمل و الحب..!!
هكذا يترك خلفه خريفاً شاخت فيه أشجار الفواكه و لبست الشيب و التجاعيد،
و ينطلق بحثا عن ربيع مؤقت.. تتسلطن فيه الروح و تجلس على عرش البهاء لتتزود بشحنة من الحياة تقاوم بها ما سيأتي من اصفرار و يبس..
يعيش ربيعه بلهفة الحبيب لحبيبته بعد طول غياب.. يقبّل اللحظات و يحتضن الساعات و لا ينام لكي لا تفوته فرحةٌ عروس و لا بهجة ملاك.. هي لحظات من الحياة يغيب فيها ذاك العقل الباطني الذي يختزن عهدة الأسى مع الزمن، و لا يحضر إلا القلب المرفرف بين ضلوع سميكة من جراء التدحرج بين الشقاء و الحث الطويل.
و في صباح من تلك الأيام المشرقة يتفقد تذكرة العودة..
يرتدي معطفه المثقوب..
ينتعل حذاءه ذو الرقبة..
يترك الآمال و الحب..
.و يعود أدراجه لا يحمل إلا قلباً يبكي لعسرة الفراق
0 التعليقات :
إرسال تعليق